بين الفردوس والشرف
العرض والأرض والشرف، ثلاثي مُقدَّس عندنا نحن العرب، ومن كانت في شخصيته مثقال ذرة من شهامة فإنه يستبيح الدم ويسخو بالروح في سبيل صون شرفه وعرضه وأرضه.
القول نفسه ينطبق على إخواننا في فلسطين، سواء أولئك الذين يتحدون الحصار في غزة وبقية البلد أو أولئك اللاجئين الذين طردتهم إسرائيل منذ إعلان قيام دولتها المزعومة سنة ١٩٤٨، هؤلاء اللاجئون الذين وصل عددهم لما يفوق ٥ ملايين منذ ذلك الحين ورغم مرور عقود من الزمن لازالت صدورهم تتنفس فلسطين ولازالت قلوبهم تنبض بحب الوطن.
حقيقة هؤلاء اللاجئين هي أشبه بالحكاية التي لا نعرف من أين نبدأها ولا كيف ننهيها، قد لا نستطيع حتى أن نتخيل أنفسنا في موقف الأم الثكلى وهي تفارق صغارها مرغمة مكرهة، ولا في مكان الرجال الذين اغتصبت منهم أراضيهم عنوة، قد لا نستطيع مشاهدة حتى تمثيل سينمائي تسقط فيه دموع الرجال وتتقطع فيه قلوب الشيوخ وهم يقفون مكتوفي الأيدي أمام جرافات الإحتلال التي تجتث أشجار الزيتون من جذورها لتقيم عليها مستوطنات لليهود، ثم يتم طرد الجميع مشردين تائهين لا ملجأ ولا مأوى إلا افتراش الأرض والتحاف السماء في أوطان غير وطنهم الأم ... باختصار هذا هو حال اللاجئين الفلسطينيين.
واليوم يطل علينا رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق إيهود أولمرت ليقول أن الولايات المتحدة وافقت على إيواء نحو 100 ألف لاجئ فلسطيني ومنحهم الجنسية الأمريكية مقابل تعهد هؤلاء بالتخلي عن مطالبهم بحق العودة.
ألهذا الحد وصلت حماقة اللوبي الصهيوني؟ وهل يعتقد الإسرائيليون والأمريكيون وكل من يقف وراءهم أن الرجل العربي والفلسطيني بوجه أخص يفرط في أرضه وشرفه مقابل الحصول على الجنسية الأمريكية التي تسمح له بالعيش في فردوس الولايات المتحدة؟
مالم يستوعبه اليهود والغربيون حتى الآن هو أن الفلسطينيين لن يتنازلوا يوما عن أرضهم وتاريخهم وقدسهم، وأن وطنهم الذي سالت لأجله دماءهم لا يمكن مقايضته بفردوس آخر غير فردوس الشهادة وجنة الله ورضوانه.