قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في فضل العلماء: "فضل العالم على العابد كفضل القمر في ليلة البدر على سائر الكواكب"، حديث شريف يؤكد معناه قيمة علماء هذه الأمة وفضلهم على بقية العباد، وبمعنى آخر الدور المنوط بهم أداؤه كونهم النبراس الذي نستنير به والقدوة التي نتبعها في حياتنا.
فضيلة الدكتور يوسف القرضاوي واحد من هذه النجوم المنيرة، تشهد له الأمة قاطبة بالرشاد والصواب، غير أنه أفتى هذا الأسبوع فتوى غريبة ربما قد تؤلب عليه قلوب الحاقدين، ذلك أنه أجاز للمرأة الغناء مغفلا في ذلك جوانب كثيرة وأحاديث صحيحة ترسم الحدود التي لا ينبغي تجاوزها في هذا الأمر.
القرضاوي أجاز غناء المرأة خاصة إذا تعلق الأمر بأغاني مدح الرسول أو تلك التي تتناول معاني إنسانية وتربوية بشرط مراعاة الضوابط الشرعية كعدم إثارة الشهوات، وعدم استعمال الرقص أو شرب الخمر واستدل مؤيدوه ببعض أغاني الأطفال على غرار أغنية الراحلة فايزة أحمد "ست الحبايب" التي تمدح فيها الأم، لكن المحظور الذي سقط في فتوى القرضاوي هو أن الإسلام حرم الغناء تحريما قاطعا بأي نوع من الآلات إلى جانب أن الرسول حرم على المرأة أن تُسمع صوتها للرجال إلا في حالات تلقينهم العلم والفقه، كما لا يجوز للمرأة أن تغني إلا مع النساء فقط كالأعراس مثلا وبشرط ألا يكون ذلك مثيرا للغرائز.
فتوى القرضاوي هذه من شأنها أن تفتح المجال لمطربات الإغراء حيث أن ساقطة مثل هيفاء أو روبي ستوظفان كليباتهما الفاضحة في أداء أغان للأطفال والأمهات، وهو ما يتنافى والمنهج التربوي لأمتنا، وإذا كان الأزهر قد انفضح أمره وانكشف عن موالاته لنظام الحكم المصري وإصداره للفتاوي وفق ما لا يغضب آل مبارك، فإن القرضاوي في منصب رئيس الإتحاد العالمي للمسلمين أولى به كهيئة مستقلة عن النظم الحاكمة أن لا ينساغ لضغوط العصر الحديث وأن يُبقي الدليل الشرعي في المقام الأول قبل أي رأي آخر.