هكذا تحولت خيرات الجزائر إلى جمرات
****
إحذروا ... لوبيات خارجية تستغلكم!
*******
لم تكن الفتنة الأخيرة التي شهدتها البلاد من أحداث عنف تحصيل حاصل ولا انفجارا سببه تردي الوضع المعيشي بقدر ما كانت مؤامرة خارجية تواطأت فيها أطراف داخلية لإسقاط النظام الحالي وتركيعه أمام الأطماع الدولية في هذا الوطن العربي الغني بالطاقات وذي الموقع الأكثر من إستراتيجي، فبطريقة أو أخرى صار هؤلاء المنتفضون دونما إدراك ودونما وعي يخدمون أهداف لوبيات خارجية لا ترى في الجزائر سوى مكسبا طاقويا وعسكريا يجب الظفر به بأي وسيلة.
فمدن الجزائر لم تشهد خروج أرباب العائلات من الشبان والكهول الذين هم المعني رقم واحد بإدخال القفة في المساء إلى البيت، بل إن الذين قاموا بأعمال الشغب هم مراهقون لا تتجاوز أعمار أبلغهم الثانية والعشرون، وهو ما يعني أن أطرافا دنيئة إستثمرت في شباب أغلبهم - حتى لا نقول كلهم - ممن لفظتهم المؤسسات التربوية وممن لا يتمتعون بوعي ثقافي يؤهلهم لأن يتفادوا الوقوع في لعبة حيكت خيوطها خارج الوطن، وفي النهاية لن يكون الخاسر الأكبر سوى هؤلاء المشاغبون الذين سينتهي بهم المطاف في السجن وستلطخ العقوبات صحف سوابقهم العدلية، كما لن يكون الخاسر الأكبر سوى نحن آباؤهم وإخوانهم الذين خُرِّبت مدارس أطفالنا وأُتلِفت وثائق ملفاتنا ومعاشاتنا وأُحرِقت مرافقنا.
فضلا عن المكاسب والإعفاءات الكبيرة التي استفاد منها بارونات الزيت والسكر بالجزائر على جثث من سقطوا قتلى في الإحتجاجات وعلى الدمار الذي خلفه الحرق والتخريب، فإن هؤلاء المشاغبون انساقوا وراء اللعبة التي رسمتها أطراف داخلية لا تحب الخير للجزائر بمباركة من لوبيات دولية هدفها الأول هو الغرف من البترول الجزائري والإستثمار في الطاقة الشمسية الكبيرة بالجنوب وكذا الطموح في إقامة قواعد عسكرية بالوطن، والأهم من هذا هو السيطرة على هذا البلد ذي الموقع الإستراتيجي باعتباره يملك أطول ساحل في البحر الأبيض المتوسط فضلا عن كونه بوابة إفريقيا.
ما ينبغي أن يدركه هؤلاء الشباب ومن ورائهم كل الجزائريين أنهم الإبن الشرعي للثورة الجزائرية التي ضحت بمليون ونصف المليون من الشهداء، وأن الجزائر منذ الإستقلال إلى يومنا قد شهدت نجاحات وإنجازات معتبرة حتى وإن كانت هذه النجاحات تحتاج إلى تظافر الجهود وبعض التصحيحات لتصل إلى ما يصبو إليه الشعب عامة وكما يقول المثل فإن اليد الواحدة لا تصفق، ولأن كل ما يبنى على الفساد يكون فاسدا فلا يجب أن ننتظر نتائج إيجابية من هذا العنف والتخريب الذي طال مؤسسات هي في الواقع ملك للجزائريين.
فالفتن والقلاقل التي دارت رحاها ببعض الولايات لا تخرج عن يد خفية تلاحق الجزائر منذ الإستقلال، فوطننا - أحببنا أم كرهنا - مستهدف في سياساته وفي ما رزقه الله من خيرات تحت الأرض وفوقها، ولعل هذا ما يجلب له المؤامرات ويجعل العالم ينظر إليه على أنه بقرة حلوب، ولهذا فلا غرابة في أن يكون هدف غيرنا هو تركيعنا لتسهيل نهب خيراتنا.
سلطانة محمد عبد الجليل