أسباب تراجع إنتاج التمور في إقليم توات – ولاية أدرار
من إعداد د. يوســفات علـي * أستاذ محاضر، قسم العلوم التجارية، جامعة أدرار
يعد إقليم توات تاريخيا و حاليا قلب ولاية أدرار، إذ يضم أكبر كتلة سكانية، و الأراضي مساحات المزروعة و حوض مائي جوفي ضخم في الولاية، ولقد شهد هذا الإقليم تغيير كبير في نمط معيشة السكان و نزوح كبير من الأنشطة الزراعية إلى الوظائف و الأعمال الحرة، مما انعكس على حجم إنتاج التمور وتراجعها بشكل دراماتيكي، بعدما كان هذا الإقليم في الماضي القريب من كبار مصدري التمور إلى دول الساحل الإفريقي.
[ltr] ويحاول هذا البحث الوقوف ميدانيا عن أسباب تراجع إنتاج التمور في إقليم توات باستخدام أساليب البحث الميدانية، وخروج بتوصيات واقتراحات لتطوير وإعادة الحياة لهذا القطاع المهمة سواء للاقتصاد المحلي أو الوطني.[/ltr]
[ltr]المقـدمة:[/ltr]
تعد ولاية من ولايات الجنوب الغربي للجزائر، وجغرافيا تقع الولاية في الجنوب الجزائري، وهي ولاية حدودية مع كل من نيجر و مالي و موريتانيا، و يسود فيها المناخ الصحراوي، و أغلبية تضاريسها عروق رملية مع مناطق جرداء صخرية تسمى الحمادات في شمال الولاية، و كما يغلب الطابع الريفي الحضري على الولاية، وحجم السكان فيها صغير نسيبا مقارنة بالمدن الكبرى في الجزائر، وأهمها مدن أدرار، تيميمون، رقان... وغيرها، يرتكز النشاط الولاية الاقتصادية على قطاع الفلاحي والتجارة العبور و قطاع المقاولات، وفي الآونة الأخيرة ازدهار ملحوظ لقطاع المحروقات بعد اكتشافات المهمة للغاز الطبيعي في المنطقة.
وتنقسم ولاية أدرار إلى عدة أقاليم متباينة نسبياً، ولكن أهمها إقليم توات سواءاً تاريخاً أو سكانياً أو اقتصادياً، وتعتبر زراعة النخيل من النشاطات الهامة منذ القدم، إذ كانت هي عماد تجارة المقايضة بين الإقليم و دول الساحل الإفريقي، ولكن هذه التجارة عرفت تراجعاً مع تراجع إنتاج التمور في الإقليم.
إذن ما هي أهم أسباب تراجع إنتاج التمور في إقليم توات؟، وما هي سبل تطوير والنهوض بهذا القطاع المهم؟
[ltr]2- مميزات الفلاحية للإقليم توات:[/ltr]
تمتاز الفلاحة في إقليم توات بسيادة نظام فلاحة الواحات، حيث تكونت واحات بشكل طبيعي نتيجة لتوفر المياه بكثرة، من خلال نمو النخيل بشكل متقارب نسبياً مما يؤمن البيئة المثلى لقيام فلاحات معاشية كفلاحة الخضروات و بعض الفواكه و تربية بعض الدواجن [size=19][2]. [/size]
ميزة أخرى وهو نظام الفقـارة هو عبارة عن سلسلة من الآبار المائية المتصلة بعضها ببعض في طريقة تصاعدية عجيبة وطريقة توزيعية للمياه أعجب، وهو نظام قديم جدا تعددت الروايات في أصله ومصدره واتفقت على شيوعه وانتشاره في أكثر من عشرين منطقة من ربوع العالم. غير أن ما يميز المنطقة التواتية في نظامها المائي هذا هو توارثه عبر الأجيال منذ عدة قرون وإلى الآن مع المحافظة على كثير من مقوماته وأسس بنائه، بالإضافة إلى أنه ساهم وبشكل كبير في توازنات السكان وانتشاره داخل الإقليم ومن ثم الاستقرار واستمرار العيش إلى الآن وسط ظروف طبيعية جد قاسية، كما كان لهذا النظام أيضا الأثر البارز في غرس روح العدالة والمساواة بين أفراد المجتمع تبعا لقدرة كل فرد، ومدى حضوره ونجاعته في أعمال الحفر والصيانة السنوية التي يعرفها النظام، إضافة إلى ما يصحب كل ذلك من قيم ومثل تضامنية عليا هذا دون أن ننسى أثر كل ذالك على كافة التحولات الاجتماعية والمجالية التي عرفها ويعرفها الإقليم. كما يوجد أزيد من 500 فقارة في ولاية أدرار [size=19][3].[/size]
3- أنواع التمور في الإقليم: هناك أن أنواع رئيسية ومتوفرة بشكل كبير مثل [size=19][4] :[/size]
- الحميرة (تيليمسو): تعتبر من أنواع ذات الجودة المتوسطة، والأكثر انتشارا و مقاومة للأمراض، إذ لا يخلو بيت أو بستان في الإقليم من نخلات من هذا النوع، كما أنها تؤكل رطباً و تمراً طعمها قوي حلو، لونه بني غامق، وهي نوع مبكر يبدأ نضوجه في شهر ماي. الشكل الموالي (2) يبين هذه النوعية من التمور.
- تقربوش: يعتبر من أنواع ذات الجودة العالية، الشكل الموالي (3) يبين هذه النوعية من التمور في مرحلة البلح، شكلها كروي لونها بني فاتح، وهي كبيرة الحجم نسبياً، وهي من الأنواع المتأخرة .
- تيندكان: يعتبر من أنواع ذات الجودة العالية، شكلها كروي أسود.
- أنواع ثانوية، وقليلة نسبيا مثل:
- الشيخ أمحمد: يعتبر من أنواع ذات الجودة الممتازة، من الأنواع المبكرة، شكله طويلة و لونه بني فاتح.
- بامخلوف: يعتبر من أنواع ذات الجودة الممتازة، شكله يؤكل رطباً فقط، ولا يمكن تخزينه بسبب سرعة تعفنه، كما يعرف بارتفاع أسعاره، وموسمه المبكر.
هناك أنواع أخرى عديدة: دقلة، تقازة، تيناصر، أدكلي، أحرطان، تيمقور، بنت الضبة، تزرزار، تمليحة، أغراس، تمجوهرت ...الخ.
[ltr]أسباب تراجع الانتاجية النخيل :فقد ارجع المبحوثون إلى عامل نقص المياه نسبة 17.6%، أما شيخوخة النخيل تقدر بـ 19.6% ، المرض والآفات نسبة 13.7% ، أما قلة الاهتمام بالنخلة فيمثل 13.7% ، الأسباب الأخرى نسبة 3.9%، نقص المياه مع شيخوخة النخيل تمثل 9.8%، نقص المياه مع الآفات يمثل نسبة 3.9% ، نقص المياه مع قلة الاهتمام بالنخيل 9.8%، أما عدم وجود مشكلة فتمثل نسبة 7.8%. تعد شيخوخة النخيل ونقص المياه و تفشي الأمراض والآفات من أهم مشاكل التي تؤثر على إنتاج التمور في الإقليم، فالشيخوخة ناجمة عن عدم التجديد النخيل بصورة متواصلة، ونقص المياه راجع للتدني منسوب المياه في الفقارات و ارتفاع تكلفة السقي من الآبار، وتفشي آفات خطيرة على رأسها البيوض الذي أدى إلى انقراض أنواع من التمور في مناطق من الإقليم. [/ltr]
[ltr]3-7- مدى التخلي عن بعض النخيل على مر الزمن:كلها بنسبة 2% ، الكثير منها 35.2% ، بعضها بنسبة 25.5%، أو نادراً ما تم التخلي عنها بـ 37.3%. أي أن المبحوثون أكدوا على ظاهرة التخلي النسبي على عدد من النخيل على مر الزمن.[/ltr]
[ltr] نتائج الدراسة: من خلال هذا الدراسة الميدانية والمقابلة مع بعض الفلاحين المنطقة، خرجنا بمجموعة من النتائج وهي:[/ltr]
[ltr]- سيادة الفلاحة المعاشية على نمط إنتاج الفلاحي في إقليم توات، وكذا تفضيل الجمع بين النشاط الفلاحي ونشاطات أخرى، بالتالي بصفة عامة فإن مفهوم الفلاحة كنشاط رئيسي، و الفلاحة كنشاط اقتصادي تجاري متكامل مازالت في غائبة.[/ltr]
[ltr]- تفضيل سكان الإقليم عدم الاعتماد الفلاحة كمصدر رئيسي، وتفضيل الجمع بين الفلاحة ونشاطات أخرى.[/ltr]
[ltr]- كما أن معظم أنماط الملكية الأراضي في الإقليم ملكيات خاصة، ومستصلحات فلاحية، بالتالي هم من يحددون كيفية استغلال أراضيهم من عدمه.[/ltr]
[ltr]- إن معظم البساتين في الإقليم تمتلك عدد متوسط نسبياً من النخيل مع تنوع كبير في أنواع التمور المنتجة، كما أن إنتاج نخيل الإقليم متوسط نسبياً .[/ltr]
[ltr]- الغياب الكبير للتقنيات الحديثة في زراعة والاهتمام بالنخيل والاقتصار على المعارف التقليدية التي لم تستطيع إيجاد الفضلى للآفات الزراعية كمرض البيوض المدمر.[/ltr]
[ltr]- نقص المياه: ويرجع السبب إلى تدهور نظام الري التقليدي الفقارة، نتيجة الإهمال المستمر لها، والاختفاء التدريجي للمعارف التقليدية (التخطيط، والبناء، والصيانة...الخ)، والمشكلة الأهم هي التراجع المستمر للمستويات المياه الجوفية بسبب للاستهلاك المفرط ، مما أدى إلى موت العديد من الفقارات، كما تعتبر الفقارات من أهم طرق الري المعروفة و المعتمدة لذا فلاحي الإقليم.[/ltr]
[ltr] كما أن استخدام الآبار مكلفة مقارنة بالفقارات، لأنها تحتاج إلى طاقة كهربائية معتبرة تنعكس في ارتفاع تكاليف الإنتاج الفلاحي ، وحسب بعض المقابلات تعد مشكلة ارتفاع فاتورة الكهرباء من المعوقات الرئيسية للنشاط الفلاحي في الإقليم.[/ltr]
[ltr]- شيخوخة النخيل: بسبب عدم التجديد مستمر للنخيل عبر الزمن، مما ينعكس على إنتاجية التمور.[/ltr]
[ltr]- الآفات و الأمراض: وعلى رأسها البيوض الذي قضى على بعض أنواع التمور المحلية نهائياً.[/ltr]
[ltr]- التخلي النسبي على بعض النخيل، نتيجة تراجع الاهتمام بالنخيل.[/ltr]
[ltr]- الاعتماد على التقنيات التقليدية في الزراعة والعناية وتلقيح النخيل مما ينعكس على تواضع إنتاجيتها.[/ltr]
[ltr]- الاعتماد بشكل رئيسي على طريقة الغمر في عمليات الري، من يعني هدر كميات معتبر من مياه السقي.[/ltr]
[ltr]- رغم أن نصف العينة المبحوثة تبيع فائضها من التمور، إلا أن الدخل من تجارة التمور يعد دخل ثانوي أو لايذكر، وأن ما يتم بيعه وتسويقه يكون موجهاً بدرجة الأولى للسوق المحلية، وهذا يتعرض مع ما كان سائد في الماضي قبل عقود، إذ كانت تجارة التمور من أكثر النشاطات دخلاً في الإقليم، حيث كانت تتم تصدير كميات كبيرة منه إلى دول الساحل الإفريقي (السودان الفرنسي)، إذ كان كبار المنتجين والمصدرين من أغنى أغنياء الإقليم في الماضي، ولكن الأمر أختلف الآن و التجارة مازالت قائمة ولكن نطاق محدود . [/ltr]
[ltr] ومنه الأسباب الرئيسية لتراجع إنتاج التمور في إقليم توات يمكن إرجاعه إلى:[/ltr]
[ltr] - الهجرة إلى الوظائف والأعمال الحرة، - سيادة الفلاحة المعاشية على الفلاحة التجارية، - تراجع الاهتمام بالنخيل، - الاعتماد على التقنيات التقليدية في تلقيح و ري و زراعة النخيل ، - نقص المياه،-شيخوخة النخيل، - تفشي الأمراض و الآفات النخيل، - ضعف التسويق الفلاحي للتمور الإقليم واقتصارها على الأسواق المحلية.[/ltr]
[ltr]- التوصيات تساهم في تطوير إنتاج التمور في إقليم توات:[/ltr]
[ltr]- إعادة بعث ثقافة الاهتمام بالنخلة، ونظر إليها على أنها أفق استثماري واعد يساهم في قيام العديد من الصناعات الغذائية و الطاقوية المهمة.[/ltr]
[ltr]- الرفع من آداء ونوعية الخدمات و الأبحاث المقدمة من معاهد الفلاحية القائمة في ولاية أدرار، من أجل تطوير زراعة النخيل في الإقليم.[/ltr]
[ltr]- اعتماد التقنيات الحديثة في ري و تلقيح و زراعة النخيل، ووقايتها من الآفات والأمراض.[/ltr]
[ltr]- تطوير التسويق الفلاحي للتمور في الإقليم، ورفع من حجم التجارة التمور مع الدول الساحل الإفريقي.[/ltr]
[ltr]- دور الدولة في إحياء الفقارات و تقديم الدعم التقني والمالي للفلاحين لتطوير زراعة النخيل في الإقليم.[/ltr]
[ltr]- اعتماد تقنيات حديثة وغير مكلفة لضخ المياه من الآبار باستخدام مثلا طاقة الرياح أو الشمسية.[/ltr]