أملاك .... إيسلان..

يقول المولى تبارك وتعالى في كتابه العزيز " ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذالك لآيات لقوم يتفكرون " صدق الله العظيم .
لتحقيق سنة الحياة وللحفاظ على النسل البشري شرع الله الزواج وجعله أمرا مقدسا بين البشائر جمعاء في مختلف الأمصار والأقطار ، ولكل مجتمع طريقة احتفاله بهذا الأمر المقدس .
ومجتمع طلمين وكغيره من المجتمعات له طريقة خاصة بالاحتفال بالزواج باعتباره مجتمع امازيغي راح يطلق أنامله الوهاجة في إبداع جعل منه محط أنظار المهتمين بمجال الإبداع .
الزواج أو العرس أو ليلة الدخلة عند أهل طلمين شيء واحد ولنعيش لحظات الإحتفال بهذا العرس البهيج أعددنا هذا التقرير :
العرس هو عقد قران بين الزوج والزوجة على سنة الله ورسوله ويبدأ الاحتفال في يوم معلوم يحدده كلا الطرفين ليتم عزم الأقارب والأحباب والأصدقاء وكل من سيحصل له شرف الحضور وكل طرف يعزم ضيوفه في منزله على حسب الأعراف والتقاليد .
بالنسبة للعروسة التي يطلق عليها " تــاسلت " يتم تجهيزها في ليلة ما قبل ليلة الدخلة من طرق قريناتها تختارهم لنفسها لتقعد في زاوية من زوايا المنزل تحت غطاء تستر فيه وهذه العملية يقال لها " باخبو " وهي أقرب إلى كلمة اختباء ويأتين البنات ليغنين للعروس ويضعن الحناء ليعلن عن بداية الزفاف .
أما العريس الذي يطلق عليه " آســلي " فتبدأ مراسم حفله من نفس الليلة التي بدأت بها العروس ، إلا أنه يبقى حرا يشارك الجميع الفرح ببصمة خاصة وفي اكثر الأوقات تعرف هذه الليلة بليلة أهليل حيث يسهر الجميع على نغمات الطابع الفلكلوري " أهــليل " .
وفي يوم الزفاف تبدأ المراسيم بتجهيز الطعام وترحيب بالضيوف وتذهب بعض النسوة أخدين معهم "جهاز لعروسة " أو ما يصطلح عليه بالزناتية " أصدهى " إلى بيت العروسة لتتم قرأة الفاتحة أو مايسمى ب " لقبول " ، وفي المساء عند غروب الشمس يتوجه العريس إلى اقرب مسجد هو وبعض أصدقائه رفقة وزيره الذي اختاره لهذه المناسبة ليقوم بخدمته ، وفي المسجد يجد الإمام أو من هو مكلف لهذه المهمة في انتظاره ليلبسه ملابسه الخاصة من عباءة وعمامة بيضاء وبرنوس أبيض ويتم تزينه ويقلد بسيف عربي يداوم على تقليده طيلة أيام العرس. ويذهاب به إلى منزله مرددين جميعا كلمات تدل على الفرح وتعبر عن أهمية هذا اليوم بالنسبة للعريس وهذه الكلمات هي كالتالي "
" شوحشو ...باباعيني حشو ... "
ويتم دخول العريس غرفته المجهزة سابقا ليرتاح قليلا ثم يخرج مجددا لجماعته التي يجدها في انتظاره إذ يبادر كل واحد منهم بتوجيهه وإعطاء بعض النصائح التي تهمه ، ونفس الوقت الكل صار يترقب وصول العروسة .
وفي بيت العروسة كما ذكرنا أنها في اركن من اركان البيت من الأمس وفي يوم دخلتها تجهز من طرف الحلاقة التي جاءت لهذا الغرض و حين تغرب الشمس وبعد قدوم أهل العريس إلى أهل العروسة تخرج هذه الأخيرة تحت زغاريد النسوة وطبل البنات وبكاء الأهل على فراق ابنتهم متوجهين بها إلى منزلها الجديد وإلى عائلة جديدة والمستقبل المنتظر ، وحين وصولهم دار العريس يخرج بقية النسوة تتقدمهم أم العريس أو أقرب المقربين إليه من جهة النساء لاستقبال عروستهم بالغناء تتخلله الزغاريد من حين لآخر ويتم دخولها إلى بيتها من طرف وزيرتها التي يطلق عليها " تازقاخت " وترجمتها للعربية تعني ( الحمراء ) في انتظار قدوم سيد السلطان كما يطلق عليه .
وفي هذا الوقت بالضبط يكون العريس يجتاز مرحلة أخرى من مراحل الزفاف وهي التي يطلق عليها " التوري " إذ يجلس العريس وسط النسوة على مهراس من خشب وتأتي إمرأة خاصة بهذا المجال لتتلو عليه بعض المدائح ومن بين ما تقول :
بسم الله أرحمن أرحيم ... صلي على محمد
صلاة على محمد أيانغتيزاد أنبي ( صلاة على محمد ستسبقنا يا نبي )
إلى أخر مايقال في تلك الجلسة الروحانية ، لتنثر على العريس الدراهم وتخضب رجليه ويديه بالحناء ، إلى أن يؤخذ العريس إلى عروسته التي تنتظره في منزله من طرق أصدقائه مرددين " التوري التوري ..... التوري بابا يوري " .
يدخل العروس على عروسته معلنا عن بداية حياته الزوجية ،وفي اليوم الثاني من العرس والذي يعرف باسم " لحزام " أو" أوكوس أن وودم " أو التبراز إذ تأتين النسوة بالعروس ليرقصنها في وسطهن وتقوم الحلاقة بإعادة تسريح شعرها مرددين :
" تصوا لالاة تيفاو تزيري " ومعناها (ضحكة السيدة وأشرق القمر) ، ويدوم العرس لثلاث أيام متتالية .
هذا هو عرس أهل طلمين بكل بساطة وهذا هو النهج المتبع من أجل الإحتفال بأسعد ليلة في الحياة بالنسبة للزوجين معا .