الحرية

يقول الله تعالى في محكم تنزيله:"ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا" الأية70 الإسراء
فربنا جلا في علاه فضل الإنسان على سائر مخلوقاته وأكرمه بالعقل فله الحمد والشكر.
والفرق الحضاري بين الإنسان و الحيوان هو إعمال العقل ,فالإنسان جدير بإعمال فكره وإحترام القيود التي سماها البشر القوانين طلبا للرقي والتحضر,وقد وضعها لنا البارئ دستورا لحياتنا فسماها" الشريعة السمحة" فرسم لنا فيها الحرية بمنهج رباني منير بما لا يضرنا ولا يضر غيرنا.
وهناك بشر كثييير يعتقدون توهما وخطأ أن هذا الدستور قيد للحياة الكريمة فطالبوا بالحرية وتعالت الصيحات وكثر الصخب وتأسست الجمعيات لفرار من قفص القيم والأخلاق.
فالحرية الحقانية هي التحرر من عبودية النفس وعبودية الشيطان لا التحرر بل التجرد من أدنى ما يميز المرء كمخلوق مكرم معزز؟؟؟؟؟؟؟؟
يقول العلامة سلمان العودة في كتابه لو كنت طير:

أتدري ما أعظم الحرية؟هو أن لا تسمح لأحد أن يقتحم دواخلك دون إرادتك,قد يهيمن على جسدك ولكن تظل الروح طليقة ويظل الفكر عصيا على الترعيع لغير الله.

تركت باب غرفتي مفتوحا,لأنني أحب الأجواء الحرة,وأحب أن أتنفس الهواء الطلق.
الحياة عندي كالحياة لا تقبل التجزئة إما أن تكون حرا أو لا تكون.....الحياة من دون حرية جسد بلا روح.
كم من شخص يتعذب بالأسر داخل قيود ذاته,وكم من حر يصنع من قيوده أنشودة رائعة للحياة....أنت حر في داخلك,فقط تعلم كيف تحافظ على حريتك,والحرية كلمة فلتكن كلمتك صادقة شجاعة.
المقصد الأسمي من رسالات السماء تحقيق التزكية للإنسان في طيب الأخلاق وكرم الخصال,وبناء المجتمعات الرشيدة النظيفة,وإقامة الحضارات السامقة,التي لا تستهدف إستعباد الإنسان,بل أن يكون الناس سواسية أمام الميزان .

ومن أجمل ما ورد في الأثر الإلهي:"من أتاني تائبا تلقيته من بعيد ومن أعرض عني ناديته من قريب ومن ترك لأجلي أعطيته فوق المزيد ومن أرد رضاي أردت ما يريد ومن تصرف بحولي وقوتي ألنت له الحديد."
فيا ربنا يا رحمان ويارحيم لا نبتغي عيشا إلا في كنفك و تحت أمرك.فسعادتنا نيل رضاك.

....الحرية كلمة أصل لها الفقهاء وترنم بها الأدباء وتغنى لها الشعراء فعغشقها الشرفاء وليس هناك أجمل من حياة يعش فيها المرء حرا ...فالحرية مقرونة بالحياة فكما يقول ابن باديس رحمة الله عليه " حق كل إنسان في الحرية كحقه في الحياة ومقدار ما عنده من الحرية مقدار ماعنده من حياة "

وقد قيل أن الإبن لا يستطيع أن يوفي حق والده عليه إلا في موقف واحد وهو أن يجده أسيرا أو عبدا في يد أحد فيعتقه ويفك أسره وكأنه قد أعاده الى حياته الحقيقية من جديد ..

ولعظم الحرية وفضلها جعل مهرها الأرواح والمهج ، وأكبر الجرم في حق الانسان يوم تسلب منه حريته بداع من الدواعي ليعيش أسيرا في حياته وقد خلقه الله حرا عزيزا في أحضان شرعه .

والحرية أنواع وأشكال تشمل الحرية الفكرية والعلمية والمادية والمعنوية والعاطفية...

يقول شاعر الخضراء أبو القاسم الشابي رحمة الله عليه :

خُلقتَ طَليقاً كَطَيفِ النَّسيمِ
                   وحُرًّا كَنُورِ الضُّحى في سَمَاهْ
تُغَرِّدُ كالطَّيرِ أَيْنَ اندفعتَ
                   وتشدو بما شاءَ وَحْيُ الإِلهْ
وتَمْرَحُ بَيْنَ وُرودِ الصَّباحِ
                   وتنعَمُ بالنُّورِ أَنَّى تَرَاهْ
وتَمْشي كما شِئْتَ بَيْنَ المروجِ
                   وتَقْطُفُ وَرْدَ الرُّبى في رُبَاهْ
كذا صاغكَ اللهُ يا ابنَ الوُجُودِ
                   وأَلْقَتْكَ في الكونِ هذي الحيَاهْ
فما لكَ ترضَى بذُلِّ القيودِ
                   وتَحْني لمنْ كبَّلوكَ الجِبَاهْ
وتُسْكِتُ في النَّفسِ صوتَ الحَيَاةِ
                   القويَّ إِذا مَا تغنَّى صَدَاهْ
وتُطْبِقُ أَجْفانَكَ النَّيِّراتِ عن الفجرِ
                   والفجرُ عَذْبٌ ضيَاه

ومهما قيدت حرية الانسان فإن روحه يظل حرا طليق... ورحم الله شهيد الفكرة وصفي الأمة " سيد قطب " رحمه الله إذ يقول :

أخي أنت حرٌ وراء السدود أخي أنت حرٌ بتلك القيود
إذا كنت بالله مستعصما فماذا يضيرك كيد العبيد
أخي ستبيد جيوش الظلام و يشرق في الكون فجر جديد
فأطلق لروحك إشراقها ترى الفجر يرمقنا من بعيد
أخي قد أصابك سهم ذليل و غدرا رماك ذراعٌ كليل
ستُبترُ يوما فصبر جميل و لم يَدْمَ بعدُ عرينُ الأسود
أخي قد سرت من يديك الدماء أبت أن تُشلّ بقيد الإماء
سترفعُ قُربانها ... للسماء مخضبة بدماء الخلود
أخي هل تُراك سئمت الكفاح و ألقيت عن كاهليك السلاح
فمن للضحايا يواسي الجراح و يرفع راياتها من جديد
أخي هل سمعت أنين التراب تدُكّ حَصاه جيوشُ الخراب
تُمَزقُ أحشاءه بالحراب و تصفعهُ و هو صلب عنيد
أخي إنني اليوم صلب المراس أدُك صخور الجبال الرواس
غدا سأشيح بفأس الخلاص رءوس الأفاعي إلى أن تبيد
أخي إن ذرفت علىّ الدموع و بللّت قبري بها في خشوع
فأوقد لهم من رفاتي الشموع و سيروا بها نحو مجد تليد
أخي إن نمُتْ نلقَ أحبابنا فروْضاتُ ربي أعدت لنا
و أطيارُها رفرفت حولنا فطوبى لنا في ديار الخلود
أخي إنني ما سئمت الكفاح و لا أنا أقيت عني السلاح
و إن طوقتني جيوشُ الظلام فإني على ثقة ... بالصباح
و إني على ثقة من طريقي إلى الله رب السنا و الشروق
فإن عافني السَّوقُ أو عَقّنِي فإني أمين لعهدي الوثيق
أخي أخذوك على إثرنا وفوج على إثر فجرٍ جديد
فإن أنا مُتّ فإني شهيد و أنت ستمضي بنصر جديد
قد اختارنا الله ف دعوته و إنا سنمضي على سُنته
فمنا الذين قضوا نحبهم ومنا الحفيظ على ذِمته
أخي فامض لا تلتفت للوراء طريقك قد خضبته الدماء
و لا تلتفت ههنا أو هناك و لا تتطلع لغير السماء
فلسنا بطير مهيض الجناح و لن نستذل .. و لن نستباح
و إني لأسمع صوت الدماء قويا ينادي الكفاحَ الكفاح
سأثأرُ لكن لربٍ و دين و أمضي على سنتي في يقين
فإما إلى النصر فوق الأنام وإما إلى الله في الخالدين

ربنا يحفظك وينورك يافخر المنتدى على اختيارك للموضع وعلى جميل طرحك أأأأأأأأأأأأأأخي" عبد القادر "

أخي عبد القادر

الحُرُّ يأبى أن يبيعَ ضميرَه … بجميعِ ما في الأرضِ من أموالِ
ولكمْ ضمائرُ لو أردْتُ شراءَها … لملكْتُ أغلاها بربعِ ريالِ
شتانَ بين مصرحٍ عن رأيهِ … حُرٍ وبين مخادعٍ ختالِ
يرضى الدناءةَ كلُّ نذلٍ ساقطٍ … إِن الدناءةَ شيمةُ الأَنْذالِ