الشيخ سيدي موسى أوالمسعود

*---- الشيخ سيدي موسى أوالمسعود ---*

يعتبر الشيخ سيدي موسى أوالمسعود، أي ابن المسعود (ق 10هـ)، من بين أقدم أولياء قورراة، ومن أوائل من نشر الطريقة الشاذلية بها، يوجد ضريحه في تاسفاوت غرب سبخة تيميمون.

وتعتبر زاويته بتاسفاوت من أشهر زوايا المنطقة، ومن أكبر المقامات التي تقام بها الزيارات ويحتفل فيها بالمناسبات الدينية والمواسم والأعياد.

نسبه:

تذهب المصادر الشفوية إلى أن نسبه يرتفع إلى الولي الصالح سيدي عبد القادر الجيلاني. فهو سيدي موسى بن سعيد المسعود بن سيدي عبد الله بن سيدي مولاي عيسى (دفين الصحراء) بن سيدي مولاي عبد الله بن سيدي مولاي عبد القادر الجيلاني. وأمه أيضا شريفة السيدة عائشة من سلالة الأشراف.

والده الشيخ المسعود بن عبد الله:

كان والده مقيما بالشلالة الشرقية. قام برحلة طويلة المدى عبر وادي الساورة وقورارة، مر خلالها بقصر "مزوار" ثم "تبو" حيث أقام مدة، ومنها انتقل إلى أولاد عيسى. وبعد هذه الجولة رأى أن أحسن مكان له للاستقرار هو قورارة، فاتجه إلى مراكش لزيارة شيخه سيدي منصور، وبعد أن أخبره عن هذه المنطقة عزم شيخه على الرحيل إليها أيضا والاستقرار بها.
خرج سيدي المسعود وصديقه سيدي الشريف من مراكش، يحملان شيخهما سيدي منصور على ناقلة، وكان شيخا طاعنا في السن، واتجهوا صوب تلمسان، ومروا بالكثير من القرى والمدن حتى بلغوا قورارة، ونزلوا بمكان يسمى "تجطويت"، الذي يحمل الآن اسم "سيدي منصور". وبعد الاطمئنان على شيخهما، افترقا ونزل كل واحد منهما في مكان مختلف عن الثاني، فنزل الشريف بـ "تادلس" وأقام بها، ونزل سيدي المسعود بـ"لزورا" وهو قصر قرب أولاد سعيد فأقام به، وبعد استقراره رزق بولده سيدي موسى أوالمسعود.
دفن سيدي المسعود بقرية الحاج قلمان من قصور أولاد سعيد بقورارة، وعليه قبة تزار.

مولد سيدي موسى:

لا نعرف سنة ميلاده، لكن بالنظر إلى تواريخ وفاة شيوخه، وهو الثلث الأول من القرن العاشر الهجري، فنرجح أن يكون ميلاده في نهاية القرن التاسع الهجري.
فنرجح مولده نهاية القرن التاسع الهجري، حوالي 870هـ. وقد ولد في أولاد سعيد ونشأ بها.
أخذ العلم بمسقط رأسه، على يد والده، ثم انتقل إلى قلعة بني راشد بناحية وادي الشلف، وأخذ عن الشيخ سيدي أحمد بن يوسف الملياني (931هـ= 1524م). وقد كانت طريقته الصوفية منتشرة في مناطق الجنوب، وعم نفوذه الصحراء الجزائرية والمغرب الأقصى.
نبغ سيدي موسى في هذه الزاوية وأصبح من كبار مريدي الشيخ أحمد بن يوسف الملياني، فهو من المذابيح السبعة، الذين اشتهرت قصتهم وأصبحت مضرب الأمثال في الإخلاص والوفاء للشيخ، والالتزام بآداب الطريق، وهي قصة مشهورة في سيرة الشيخ سيدي أحمد بن يوسف الملياني، ففي يوم عيد الأضحى جمع الشيخ الملياني كل تلاميذه، وقال لهم: "من يقبل منكم أن يكون أضحية (بدلا من الكبش) يدخل في هذه الغرفة"، استبد الرعب بالتلاميذ ففروا ولم يدخل الغرفة سوى سبعة من أفضل أتباعه ومريديه، ومن بينهم الشيخ سيدي موسى الجوراري أي سيدي موسى أوالمسعود.
ظل سيدي موسى مع شيخه بضع سنين بزاوية رأس الماء أخذ منه أثناءها الطريقة الراشدية التي أسسها الملياني، ثم غادر زاوية شيخه باتجاه المغرب الأقصى.
التحق بالمغرب عند مولاي عبد الله الغزواني، وكانت شهرة الشيخ الغزواني قد بلغت الأصقاع، وقصده الطلبة والمريدون من كل مكان، وهو من أتباع الطريقة الجزولية، ومن تلامذة الشيخ سيدي عبد العزيز التباع.
*
* والله أعلــــــ ـــــــم (يتبع)

( تابع ) ___ سيدي موسى او المسعود ___

عودته إلى بلاده وانطلاق العملية الإصلاحية:

تلخص لنا الرواية الشفوية حياة الشيخ سيدي موسى، ويبدو أنها الأقرب إلى الصحة: "ولد سيدي موسى أوالمسعود في أولاد سعيد، وهاجر ليدرس لدى سيدي أحمد بن يوسف، من هناك قصد المغرب، حيث زار عدة شيوخ من بينهم الشيخ عبد الله الغزواني، بعد أن أنهى دراسته عاد إلى وادي الساورة، وتوقف بعض الوقت في قصر مزوار. من هناك عاد إلى قورارة، في البداية إلى قصر "تبو"، ثم قصد أولاد عيسى، وانتقل من هناك إلى أولاد سعيد. حيث استقر وعلم القرآن الكريم، وبعدها فتح زاوية قصر فرعون، ثم قصد تيميمون حيث جمع القبائل، وبعدها استقر نهائيا في تاسفاوت، حيث أسس زاوية".

إذا عاد سيدي موسى إلى القصر الذي ولد فيه أولاد سعيد، وهناك شرع في تدريس القرآن الكريم، ولا ندري تحديدا تاريخ عودته، فلا تفيدنا المصادر في ذلك بشئ يسمن ويغني من جوع، إلا أن الذي يعنينا أن الرجل اكتسب تعليما عاليا في كل من الشلف والمغرب، واتصل بكبار رجالات التصوف في عصره، وتأثر بالشيخ أحمد بن يوسف الملياني والشيخ الغزواني، وعاد إلى بلاده حاملا جملة من الأفكار والتصورات يريد تطبيقها على أرض الواقع.

شرع أول ما شرع في إنشاء المدارس القرآنية، والتي تعرف محليا "أقريبش" وتعني المحضرة القرآنية، واتخذ من مسجد "تامزقيدة ن كموس" الواقع بين أولاد سعيد وكالي متفرغا للعبادة والذكر. وإلى ذلك تشير الرواية الشفوية: "خرج سيدي موسى كما أمره أبوه فنزل بأماكن عدة للاستراحة والتعبد منها: مكان يدعى أسكلو ومكان يدعى كموس الذي أقام به فيما بعد المسجد المعروف".

___ .. تأسيس تيميمون: .. ___

انتقل بعد ذلك إلى تيميمون، حيث أسس سوق تيميمون ووحد بين القبائل هناك.

لما قدم الشيخ سيدي موسى إلى تيميمون وجدها عبارة عن قبائل موزعة، على قصور مترامية وسط حقول النخيل، فكان أول نزوله بقصر "تاحتايت"، ثم استقبلته قبيلة أولاد داود، بقصر تبياوين، فقامت بضيافته، ونظرا للصراعات الموجودة بين القبائل آنذاك والغزو من طرف المغيرين، أمر سيدي موسى القبائل الموجودة بمنطقة تيميمون، بالتجمع في مكان واحد، ليؤازر بعضهم بعضا، ويكونوا يدا واحدة على من عاداهم، فيكونوا بذلك مدينة موحدة قادرة على مواجهة الأخطار الخارجية، والتغلب على مصاعب الحياة، وأول قبيلة بادرت إلى الانتقال داخل المدينة، قبيلة أولاد داود، التي استقبلته وأكرمت وفادته، تلتها القبائل الأخرى مثل قبيلة أولاد حمو الزين وأولاد الذهبي.

وتذكر الروايات الشفوية أن سيدي موسى التقى بميمون الذي تنسب إليه المدينة، ووعده أن هذه المدينة ستحمل اسمه، و"سيكون الخير كل الخير في هذا المكان والمنزل المبارك مسجد عامر، وماء جار وسوق زاهر". فاستجاب الله تعالى لهذا الدعاء، فتأسس مسجد أولاد داود ـ ويعرف حاليا بالمسجد العتيق الذي لا يزال قائما إلى يوم الناس هذا ـ، وكانت الجمعة تقام بالمسجد الموجود بحي سيدي بوجمعة، ثم انتقلت إلى المسجد الذي أسسه الشيخ موسى أوالمسعود.

ثم أقام الشيخ موسى بالقرب من المسجد سوقا يعرف حاليا بسوق سيدي موسى، شهدت ازدهارا كبيرا في العصور السابقة. وسبب بناء سيدي موسى هذا السوق في تيميمون لكون اليهود كانوا يسيطرون على اقتصاد المنطقة، حيث كانوا يتعاملون بالربا، ويثقلون كاهل المسلمين بالديون، فكان هدفه من إقامة السوق هو إزالة المعاملات غير المشروعة، وجعله سوقا منافسا لسوق اليهود، كما قام سيدي محمد بن عبد الكريم المغيلي بالمبادرة نفسها بقصر أولاد هارون بأولاد سعيد.

وقد عبرت هذا المكان فقارة ذات مياه غزيرة، وتحققت بذلك فراسة الشيخ موسى.

تعاون الشيخ موسى مع الشيخ أحمد بن عثمان ـ ابن الشيخ عثمان أحد كبار صلحاء المنطقة ـ على تسيير شئون المدينة، وعاشت القبائل متجاورة متعاونة في هذا الحرم الآمن.

تأسيس زاوية تاسفاوت:

أسس زاوية تاسفاوت متفرغا للتعليم والعبادة.

وبعد تأسيسه لهذه الزاوية، ظل يتنقل بين قصور قورارة، قائما بزيارة أبيه بلزوراء، أو متعبدا في مسجد كموس وظل الشيخ سيدي موسى يؤسس الزوايا والأسواق المدارس القرآنية: أولاد سعيد، فرعون، تاسفاوت، تيميمون، أوقروت، اغزر… .

__ وفاته:

تذكر الروايات الشفوية أن الشيخ موسى أوالمسعود عاش في القرن التاسع والعاشر الهجريين، وأنه عاش حتى ناهز القرن ونصف، فعاش أكثر من 147 سنة، وتوفي بتاسفاوت عام 921ه. ونجد في ((الكنز المفقود)): "كانت وفاته في تاسفاوت، في العقد الثالث من القرن العاشر الهجري، أي ما بين عام 920 و930هـ على أرجح الأقوال، واختلف في يومها فقيل في النصف من شهر رمضان، وقيل في العاشر من محرم".

إلا أننا نرى أن وفاته تكون بعد هذا التاريخ بكثير، ونرجح أن تكون وفاته حوالي عام 950هـ= 1542م. بزاويته بتاسفاوت، وأمّ الناس في صلاة الجنازة الشيخ سيدي الحاج بلقاسم صاحب الزاوية المعروفة بتيميمون. ودفن بالقرب من زاويته التي لم يبق منها إلا آثار جدار، وأقيم على قبره قبة تزار، ودفن إلى جانبه إبنه وأحفاده، وتقام له زيارة كل عام في أول المحرم بتاسفاوت.

تلامذته:

سيدي الهواري دفين قصر أغلاد بأولاد سعيد.

سيدي أمحمد أكرادو بتاسفاوت.

سيدي أحمد بن عبد الله بن عيسى، دفين قصر سموطة بأولاد سعيد.

سيدي محمد بن أبي بكر الودغاغي. شيخ سيدي عومر الوقرتي.

سيدي محمد بن عيسى بجنتور.

أولاد سيدي عمر الغريب: أمحمد بأقسطن، وأبو محمد.

أبناؤه:

يقول مولاي التهامي: "ولقد اشتهر أحفاذه بالولاية والكرامة، ومن أشهرهم الشيخ سيدي إبراهيم، والشيخ سيدي أحمد اولحاج بناحية طلمين، ومنهم سيدي محمد بتميميون، وإبنه الوحيد سيدي أحمد بتاسفاوت".

يبدو أن زاوية الشيخ سيدي موسى عرفت نشاطا طيبا في عهد أبنائه أيضا، فاستمر التدريس بها، وتوطدت دعائمها أكثر فأكثر،

خلف سيدي موسى بنتا وولدا ذكرا واحدا، هو سيدي أحمد أوموسى، وعنه تفرعت سلالة الشيخ سيدي موسى أوالمسعود. فبعد ثلاث زيجات أنجب أحمد سبعة أولاد وست بنات. رحل أحدهم ـ وهو سيدي إبراهيم أوأحمد ولعله أشهر أحفاد سيدي موسى ـ إلى قصر "الواجدة"، بالقرب من تيميمون، وأسس زاوية هناك لا يزال أحفاده بها.

ويحظى خلف الشيخ سيدي موسى بمكانة محترمة في المنطقة، فمنهم العديد من الأولياء والصالحين، يدل على ذلك كثيرة الزيارات والوعدات الخاصة بأحفاد الشيخ سيدي موسى: زيارة سيدي أحمد بن موسى. زيارة سيدي إبراهيم بن أحمد بالواجدة، زيارة سيدي موسى أوالحاج بتاورست، أمحمد بن الحاج بتميميون، سيدي يوسف بن أحمد بطلمين، سيدي محمد بن عبد العزيز بقصر الحاج بأوقرت.

موضوع رائع به معلومات قيمة شكرا لكم...........

شكرا للأخ مسعودي على المرور والرد الجميل

» سيدي مولاي علي
» ..نعم أتغير.. الشيخ سلمان العودة
» نصيحة غالية من الشيخ المغامسي
» أهليل الشيخ طاهر الطلميني
» الشيخ الوقور وركاب القطار