لايعجز القلم ، ولا يحار الفكر ، ولا تتقزم الحروف ، لا تنفد المشاعر ، ولا تتوقف الألسن إلا إذا أراد الإنسان التحدث عن واسع الجود والكرم " الله " بديع السموات والأرض ، الغني المنان ، واسع الرحمة ، الرؤوف الرحيم .!
- جرب في دقائق معدودة أن تعصف ذهنك ، وأن تحرك مشاعرك ، وأن تستعد بكل نشاط وحيوية للقيام بدورة تعبدية تثني فيها على ربك ، تبتهل إلى الذي أبدع فيك من الجمال ، وجمل فيك الخصال ، وأودع فيك الجلال ، ستعلم يقينا أن " الله أكثر " من هذا الثناء الذي تقصده ، والإبتهال الذي تنشده .!
- جرب أن تغوص في أعماق هذا الكون البديع ، تأمل في هذه السبع السماوات الشداد ، تأمل سحبها العظام ، وغيثها المنهمر ، وطيورها المحلقة ، ورياحها العاتية ، وشمسها المشرقة ، وقمرها المبهج ، ونجمها الوضاء ، ولونها الساحر ، تأمل كل ذلك وستجد أن " الله أكثر " خلقا من ذلك ، وأن في الأرض ما يماثل ذلك ، وهناك ومن الخلق ما لا تعلمه النفوس ، أو تدركه العقول .!
- جرب أن تبتعد عمن يعيشون حولك ، جرب أن تكون وحيداً بضعة أيام من حياتك ، لا حبيب يؤنسك ، ولا صديق يسليك ، ولا زوجة تداعبها وتداعبك ، ولا ولد يمسك بلحيك ويقبل ثغرك ، ولا مدارس تنهك تفكيرك ، ولا دوامات تستبيح وقتك وعمرك ، ولا زحام ينغص عليك عيشك وحياتك ، ولا شيئ إلا أنت وهذا الملك الرحيم الذي في السماء علوا وقهرا ، وفي الأرض علما وقدرا ، ماذا ستجني من ذلك كله .؟ستعلم أن " الله أكثر " من كل شيئ يدور من حولك ، أكثر رحمة وكرما وإنعاما وتوددا وعدلا.!
- دعني أتسائل :
أنت فقير .؟ أنت مريض .؟ أنت مضطر .؟ أنت بلا زوجه .؟ أنت بلا علم .؟ أنت بلا والدين .؟ أنت عقيم .؟ أنت بلا وطن .؟ أنت بلا مأوى .؟ أنت مضطهد مسجون مطرود مهجر .؟ أنت تائه تعيس منغص .؟
كل هذا لا شيئ - يا حبيبي - إذا كنت مستكثرا بالله على هذه البلايا ، ومستعينا به على سائر الرزايا ، كل هذا يهون إذا أصبحت بالله " أكثر " إيمانا ، وعلى تحمل ما ابتلاك به " أقدر " ثباتا واحتسابا ، إن تؤمن بعمق أن " الله أكثر " إحسانا ، ولكن أكثر الناس لا يشكرون ولا يعلمون ولا يعقلون .!
- قال الصحابة حين سمعوا النبي عليه الصلاة والسلام يحدثهم عن فضل الله حين يسمع دعائهم ، وأنه يمنحهم إحدى ثلاث خصال : إما أن يعطيهم حاجتهم ، أو يدخر مثل ذلك لهم ، أو يصرف عنهم من الشر مثل ذلك ، قالوا " إذا نكثر يا رسول الله " .؟ قال :" الله أكثر " رواه مسلم .
فيا له من حرمان أن نبقى سنوات طويلة في هذه الدنيا ، ونخرج منها ونحن فقراء من الدعاء ، فقراء من العبادة ، فقراء من التأمل ، فقراء من التعلم ، مع أن الله لو طلبناه لا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء ، ولو طلب منه كل ما يُحتاج إليه سيكون " أكثر " وفوق ظننا به ، وأرحم بنا من أنفسنا ، فيا لحسرة بعد رحيل.!
- تذكر دوما وأبدا :
أنك لاغنى لك عن الله طرفة عين ، بادره بالدعاء والطلب ، والعبادة والإخبات ، ولا تتردد ، لا تقول أكثرت من السؤال ، بل استمر ، فالله أكثر ، وأنت به أكثر سعادة وهناء ، وبغيره أكثر تعاسة وشقاء .!